السبت، 30 مايو 2020

المتسولةاليتيمة بقلم الأديبة والشاعرة المتألقة / سعيدة حيمور

المتسولةاليتيمة بقلم سعيدة حيمور___________________
وقفت ذات مساء واللّيل يحاول أن يبسط رداءه الحالك على الكون ' وقد أضناها التّعب بين كوخها وشجيرات السّرو شاردة الفكر في فضاء اللاّنهاية تبكي فقدان أم وأب ' ما عاد لها في الكون سند .
تجرّ أقدامها التي أثقلها الوهن وتنسحب إلى كوخها المعتّر وتلقي بجسمها النّحيل على فراش بال' تحاول مسح بقايا دموع ألهبت سياطها نياط كبدها' والتي كانت تنساب بحرقة على خدين متورمتين أنهكهما الأسى ' و تغرق وجهها الصّغير الذي رسمت عليه الحياة قاراّت الوجع وتفنّن القدر في تزينه بكل ماأوتي من جبروت ' تعاني الوحدة في سكون اللّيل الطّويل وتتكرّع كأساتها.
ويصمت اللّيل ولكنّ سهاده يطول تنادي النّجوم وتمسك جمر حزنها بيديها ' وهاهي تحاول النّوم ولكن شريطا من ذكريات ارتسم في مخيلتها فجاءت صوره تباعا صورا متلاحقة لماض حافل بذكرياته لطفولة رحلت دون وداع و لوالد يحنو عليها ويربت على كتفها' وبسمة لأم لا تفارق محياها .
هناك خلف التّلال الغارقة في شساعةالأفق حيث كانت الفرحة تستحمّ في عيون زرقة السّماء وكان النّسيم يداعب خصلات شعرها المنسدل وهي تطارد أسراب الحمام وتقلّد بوحه ' وتتّخذ من أغصان الأشجار المورفة بيتا لدُماها . أغمضت عينيها تستجدي النّوم غير أنّ كابوس اليقظة كان يهزّ قلبها الصّغير فتنتفض كطائر مذبوح على صخرة الواقع المرير.
وحين لاح وشاح الشّمس حملت مابقي بها من حطام وتوجهت تستجدي المارّة .
كان الضّجيج يعربد في الطّرقات وكانت تفترس وجوه المّارين وكأنّها تبحث عن ذويها تحترق من الدّاخل كهشيم أتت عليه نار جنونية
شعرت بإرهاق شديد وكتمت في أعماقها أنّاتها وعتابها للسّنين .
و في لحظة ضوضاء لا يحتمل هرعت نحو زقاق تشبه جدرانه بئرا عميق كانت تتسكّع على طريق
الزّمن البعيد وفي صدرها مرجل
الزفرات و قارات الألم ' زمن يقطع من العمر مسافات ومسافات من السّنين
وهي تمسح ماء حيائها الّذي سكبته الحاجة والفاقة .
كان النّاس ينظرون إليها بعضهم يجود بالقليل والبعض الآخر كان بالإضافة إلى بخله يزدريها بنظرة مشمئّزة وكأنّها جاءت من العفن ' فتحجب عيناها المحمرّتين من الدموع و الخجلة في ذات الوقت وكان لسان حالها يقول بصوت خافت مبحوح يقطع أنينه شرايين الحياة :
أسألكم صدقة تطهّر أنفسكم
أمَا للمسكين مكانُ بينكم
نمضي كما جئنا غرباء فأينكم
وجنان الرّحمن تمدّ لإحسانكم
بريق المال بدنياكم الرّاحلة ألهاكم
أبكي جرحي ويتمي فمال قلوبكم
صامتة كأنّها من صخرٍ أُناديكم
غدا بدار الحق والعزّ ألقاكم
فلا تشيحوا عني بوجوهكم
ثم نهضت بتثاقل تجر نفسها كاسفة البال شاردة الذّهن إلى حيث المجهول ينتظرها....تمت
بقلم سعيدة حيمور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قلبي يحادثني قلم الاديبة الشاعرة/ ايمان زقزوق

  قلبي يحادثني قلبي يحادثني بأشياء وما غبت عني إلا لأسباب قد شغلتك عني أوصفها فتغزلت في جمالها ألا تعلم أني شاعرة ولحروف الكلام مترجمه ليس...