الثلاثاء، 1 ديسمبر 2020

- الموت - بقلم الأديب والشاعر الراقي / ماهر اللطيف

- الموت -
--------------
كانا جالسين في حديقة عمومية ذات يوم مشمس والناس ذهاب واياب فرادى وجماعة يغتنمون حلاوة الطقس وعذوبة الخضرة وزقزقة العصافير والمحبين من حولهما وشارف الوقت الظهيرة متى وضع رأسه على كتفها وهمس لها ببعض الكلمات في اذنها حتى شوهدا يقهقهان ويهتزان من الضحك والسرور والبهجة.
وبقيا هكذا يتحادثان بهدوء وحنان ويتبادلان من حين لآخر النظرات في صمت مشروعة تارة بالاهات وطورا بالهمسات واللمسات البريئة وغير البريئة على غرار كل الأحبة المنتشرين في المكان صغارا وكبارا، شيبا ومشيبا...
وهرولت الثواني والدقائق طاوية الاقدار والحاضر وداهسة احداثه التي باتت مجرد تاريخ وماضي، حين سكتا وتبادلا النظرات وهما متشابكا اليدين مسمرا العينين خافقا القلبين خفقانا سريعا ومضاعفا... ،متى قال لها بصوت خافت حتى لا يتجاوز حوارهما مقعدهما:
- ما الموت حبيبتي؟
- (متفاجئة ومستغربة من السؤال بعد الود والحب) هههههه ما الذي أصابك يا مهجة القلب؟ (وهي تراقب قسمات وجهه وتغيراتها وبسمته التي اعتلت خدوده وحركات عينيه التي تؤكد جدية سؤاله)
- نعم، ما هو الموت؟
- الموت هو انقطاع الحياة، هو الفناء... (مقاطعا إياها ومازالت تذكر المرادفات)
- لا أقصد الموت المادي يا حياتي، (يتقوى على يدها قبل أن يضعها على صدره) فهذا حتمي وبديهي
- هو فناء الأخلاق والابتعاد عن الدين وسماحة العادات والتقاليد و(مقاطعا ثانيا وهو يبتسم)
- لا، حتى هذا الموت المعنوي لا أريد الوصول اليه الآن ،حاولي مرة أخرى
- (مستغربة ومحتارة) موت الضمير؟
- (مقهقها بصوت مرتفع قبل الانتباه والعودة إلى الهدوء وخفتان الصوت)، لا يا روحي، الموت عندي نوع آخر أخطر مما ذكرت وعددت يا مهجة القلب، هو أعقد من ذلك واعمق لم أقرأ عنه قبل لا في الأديان ولا الشعر ولا القصص ولا غيرها... (ضاحكة ومستغربة، وواضحة يدها على فمه وتكاد تهمس في أذنه)
- اوجز وهات موتك، اكبح جماح لسانك واعتق قلبي من التشوق إلى المعرفة،فأنت يا حبيبي كما عهدتك شهريار الثرثار (وكلاهما يضحك)
- الموت ببساطة هو توقف قلبي عن ذكر اسمك لحظة، عماء عيني عن رؤيتك ولو في ذهني لجزء من الثانية، عدم دق قلبي على ألحان موسيقى أنفاسك، توقف هواء رائحتك عن ولوج جسدي العليل بحبك، عزوف الدماء عن السيلان بداخلي خشية فسخ اسمك المنقوش في قلبي واتساخه بالكريات الحمراء والبيضاء.... الموت يا حبيبتي هو الشوق إليك وانت معي فما بالك عندما تتركينني ولو للحظة،هو البعد عنك وعن اعماقك وخروجي من مياه قلبك الفسيح وحرماني من السباحة فيها ولو لعشر من الثانية.... فأنت الحياة وبدونك يحل الموت وتنتهي الحياة...
__________________________
بقلم :ماهر اللطيف

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قلبي يحادثني قلم الاديبة الشاعرة/ ايمان زقزوق

  قلبي يحادثني قلبي يحادثني بأشياء وما غبت عني إلا لأسباب قد شغلتك عني أوصفها فتغزلت في جمالها ألا تعلم أني شاعرة ولحروف الكلام مترجمه ليس...